تشهد تركيا حملة أمنية تستهدف من تسميهم السلطات “المهاجرين غير النظاميين”، حيث باتت مشاهد اعتقال المخالفين أمراً شبه يومي، غير أن العديد ممن طالتهم الحملة خصوصا من السوريين يقولون أنهم يحملون تصريحات إقامة، ويتم التضييق عليهم للتوقيع على أوراق العودة الطوعية.
وأوقفت السلطات التركية 17 لاجئًا سوريًا “غير شرعي”، السبت في مدينة بورصة وذلك بعد اعتقال 72 لاجئًا في ولاية كهرمان مرعش، وترحيل عدد منهم.
ونقلت وسائل إعلام تركية خبر اعتقال اللاجئين السوريين وقالت إن فرق الشرطة في مديرية الأمن وصلها، عبر بلاغ خبر وجود الشبان في شقة سكنية في أحد أحياء مدينة بورصة التركية.
وبحسب الإعلام فإن الشبان السوريين كانوا مختئبين داخل المنزل، ولكن الشرطة عند وصولها الإبلاغ تحركت على الفور لتلقي القبض عليهم. وأوصلتهم إلى مديرية الهجرة التركية بالمنطقة، وبدأت الإجراءات الرسمية لترحيلهم خارج الحدود.
وتخطط تركيا لتسريع إجراءات ترحيل المهاجرين غير النظاميين وتعتزم إعادة 200 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2024، كجزء من استراتيجيتها الشاملة لإدارة الهجرة وأمن الحدود.
وتعمل وزارة الداخلية التركية مع وزارات أخرى لتحقيق هذا الهدف، مركزةً على الترحيل الفعال وإنشاء نظام مناسب للتأشيرات وتصاريح الإقامة.
وتستضيف تركيا حالياً نحو 4.9 ملايين أجنبي، منهم 3.27 ملايين سوري، خاضع لنظام “الحماية المؤقتة”، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن “رئاسة الهجرة التركية“.
وتقول وزارة الداخلية أنها تهدف إلى تحقيق التكامل بين الوكالات لتقييم طلبات التأشيرة بكفاءة أكبر وإعداد تنظيمات جديدة لتعزيز نظام التأشيرات. وستعمل تركيا أيضاً على تعزيز تعاونها مع دول أخرى لمنع دخول الأجانب الذين لا يستوفون شروط الدخول إلى تركيا من مصدرهم، كما ستواصل تركيا تركيب أنظمة الأمان الفيزيائية وأنظمة المراقبة والكشف التكنولوجية لزيادة فعالية أمن الحدود.
ويمنع السوريون منذ عام 2016 في تركيا من مغادرة الولايات المسجلين فيها، أو الإقامة في ولايات أخرى من دون “إذن سفر” صادر عن “إدارة الهجرة التركية”.
ويتعرض من لا يحمل “إذن السفر” من السوريين للتوقيف من قبل السلطات التركية بحجة أنه يملك بطاقة الحماية المؤقتة (كملك) صادرة عن ولاية مختلفة عن مكان إقامته، ثم يتعرض للاحتجاز عدة أيام والترحيل لولاية مطابقة لـ”الكملك” أو لولاية مختلفة مع مخالفة مالية.
ومن الممكن أن ترحل السلطات اللاجئين المخالفين لهذا النظام، إلى الشمال السوري، الذي تعتبره أنقرة “منطقة آمنة”.
وأعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، في الخامس من ديسمبر/كانون الأول، عن القبض 173 ألفًا و550 مهاجرًا “غير شرعي” دون تحديد جنسياتهم، وذلك خلال آخر ستة أشهر.
وجاءت تصريحات علي يرلي كايا خلال لقائه بممثلي وسائل الإعلام التركية في مركز تنسيق المواقف الأمنية والطوارئ التابع لوزارة الداخلية، للحديث عن الأعمال التي نفذت لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وكان الوزير قد أعلن، في 12 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن ترحيل نحو 49 ألف مهاجر “غير شرعي” إلى بلدانهم دون تحديد جنسياتهم، وذلك خلال آخر أربعة أشهر.
وبحسب بيان صحفي أصدره مركز حقوق اللاجئين (مركز الهجرة واللجوء) في نقابة المحامين الأتراك، تناول واقع اللاجئين السوريين في كلٍ من مديرية الهجرة ومركز الترحيل في الولاية، فقد ذكر أنهم يتعرضون لانتهاكات جمّة في سياسة ممنهجية للإعادة القسرية المفروضة عليهم من قبل رئاسة الهجرة.
وقال الناشط طه الغازي، “في مركز الترحيل يتم انتهاك حقوق اللاجئين السوريين في ميدان لقائهم مع محاميهم أو ذويهم وذلك من خلال منع الكوادر الحقوقية من مقابلة موكليهم بذرائع شته كعدم وجود اللاجئ السوري في مركز الترحيل أو عدم تقديم أي بيانات أو معطيات تتعلق بملف اللاجئ الموقوف كذلك تأخير اللقاء لعدة أيام بين الكوادر الحقوقية وموكليهم الأمر الذي قد يؤدي في أغلب الأوقات الى نقل اللاجئ السوري الى مركز ترحيل آخر في ولاية أخرى.
وتم توثيق تعرض عدد من اللاجئين السوريين لانتهاكات جمة كالعنف النفسي والجسدي من قبل موظفي مراكز الترحيل وذلك بغية الزامهم بالإكراه على توقيع العودة الطوعية.
ويقول ناشطون أن هذه المعاناة مستمرة في ظل غياب شبه تام لمواقف مؤسسات المعارضة السورية والمنظمات والهيئات واللجان التابعة لها، من سياسة الحكومة التركية في فرض “الإعادة القسرية” أو من الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في مراكز الترحيل.
واقتصرت مواقف معظم هذه المؤسسات والمنظمات والهيئات واللجان وأدوارها الوظيفية على التشديد على الالتزام بقرارات رئاسة الهجرة.
ولا توجد مناطق آمنة في سوريا بحسب ما أكدت عليها لجنة التحقيق الدولية المستقلة في تقريرها الأخير، مشيرة إلى أن هذه الحالة تنسحب على كامل الجغرافيا السورية” وبالتالي فإن الترحيل يشكل خطراً على حياة المرحلين وأما من رفض التوقيع على أوراق العودة الطوعية فإن حاله في مراكز الترحيل أو السجون ليس بأفضل من ذلك.