تعمدت السلطات العراقية مؤخراً تضييق الخناق على اللاجئين السوريين المتواجدين في أراضيها بهدف دفعهم إلى العودة إلى سوريا.
وقالت مصادر خاصة لـ"وكالة المجس" إن حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي جمدت كل برامج المساعدات الإنسانية المقدمة لعشرات الآلاف من المواطنين السوريين المقيمين في مدن مختلفة، بالتزامن مع تعرضهم منذ فترة غير قصيرة لسلسلة مضايقات بلغت حد فرض حجر قبل أشهر على أفراد أسر بكاملها داخل ملعب لكرة القدم قيد الإنشاء في محافظة الأنبار غربي العراق.
وأضافت المصادر أن الإجراءات العراقية الجديدة المتبعة حيال اللاجئين السوريين تهدف لمحاولة دفعهم للعودة إلى المناطق التي قدموا منها وغالبيتها محاذية للحدود مع العراق، وتحديداً محافظتي دير الزور والحسكة، على الرغم من وجود لاجئين من مختلف المناطق السورية كدمشق حمص، وهم الأقدم بين موجات اللاجئين التي بدأت عام 2013.
وبينت المصادر أن التضييق الممارس على اللاجئين في العراق دفع آلاف السوريين لتقديم طلبات للسماح لهم بالتوجه إلى إقليم كردستان العراق حيث يتوقعون أن يحظوا بمعاملة أفضل لا تلحظ أي تضييق عليهم، وأن تتعزز فرصهم في نيل مساعدات من منظمات دولية، مع إمكان السماح لهم بالعمل في القطاع الخاص، بعدما قطعت بغداد المساعدات الإنسانية عنهم، والتي دأبت على تقدميها ضمن برنامج وزارة الهجرة.
فيما يؤكد مسؤولون عراقيون أن قرار تجميد المساعدات ليس جديداً، إذ تقلصت مساعدات برنامج وزارة الهجرة للسوريين منذ ظهور جائحة كورونا نهاية عام 2019، ثم أنهيت بعد فترة.
مضيفين أن البرنامج يقدم الحصص نفسها التي يتلقاها النازحون العراقيون، مثل مواد غذائية تشمل الدقيق والرز والبقوليات، وأخرى صحية إلى جانب مستلزمات خاصة بالأطفال والنساء وغيرها، وكذلك توفير رعاية صحية مجانية.
فيما تؤكد مصادر" المجس" تعرض السوريين في بغداد والأنبار والبصرة وبابل لسلسلة مضايقات من أجهزة الأمن العراقية، ما جعل حال أسر كثيرة أشبه بالوجود في سجن، خصوصاً تلك التي نقلت إلى ملعب كرة القدم قيد الإنشاء جنوب مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار، حيث لا تتوافر أدنى مقومات الحياة أو العيش الكريم.
وكشفت المصادر أن أجهزة الأمن العراقية نفذت حملة واسعة لاعتقال لاجئين سوريين يعملون في مهن مختلفة، ودفعت عدداً منهم إلى السفر، بينهم أطباء ومهندسون بعدما اتهمتهم بمخالفة شروط الإقامة عبر الالتحاق بالعمل أو فتح مشاريع، في وقت تعتبر أنهم يقيمون في شكل مؤقت، وضمن بند استثنائي أصدرته الحكومة.
وأشارت المصادر أن الهدف الأساس من سلسلة المضايقات التي يتعرض لها السوريون هو محاولة دفعهم إلى اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم، باعتبارهم لا يملكون خياراً آخر، علماً أن لاجئين سوريين كثراً قدموا طلبات لمنحهم تصاريح للتوجه من بغداد وباقي المحافظات إلى إقليم كردستان العراق، حيث تسود ظروف إنسانية ومعاملة أفضل، ويتوافر دعم الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى ناشطة على الأرض.
وكانت منظمات تابعة للأمم المتحدة قد حذرت في آذار الفائت من تداعيات الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها اللاجئون السوريون في العراق، والتي قالت إنها "زادت سوءاً بعد تفشي أزمة جائحة كورونا".
وأورد بيان مشترك أصدرته هذه المنظمات في مناسبة مرور 10 سنوات على بدء الحرب في سورية قائلاً: "أصبحت حياة اللاجئين السوريين من نساء ورجال وفتيات وفتيان أكثر صعوبة منذ اندلاع الأزمة السورية. ومع مرور كل عام، تزداد صعوبات أوضاعهم، علماً أن حوالى ربع مليون لاجئ وطالب لجوء سوري يعيشون في العراق، في ظل ظروف معيشية صعبة منذ بداية الأزمة الإنسانية السورية".
ويشير بيان منظمات لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى أن "نسبة 60 في المائة من أسر اللاجئين قالت إنها خفضت استهلاكها الغذائي ووقعت تحت ديون، وأن نحو ثلث الأسر أصبحت تعتمد على مساعدات نقدية إنسانية".
وتعتبر قطر والكويت في طليعة الدول التي قدمت مساعدات إنسانية في ملف اللاجئين في كل مدن العراق، علماً أنه لا يوجد رقم دقيق لعدد السوريين اللاجئين في مدن ومحافظات العراق، وهو ما لم تحدده السلطات.
ويحتضن العراق قرابة ربع مليون لاجئ وطالب لجوء من السوريين، معظمهم من المناطق المحاذية للعراق والمحافظات الحدودية، بينما يوجد قسم آخر من باقي المحافظات السورية والذين فروا إلى العراق مع بدء الثورة السورية.